الاثنين، 31 ديسمبر 2012

بماذا نحتفل؟


لا كل عام وأنتم بخير، ولا عيد سعيد، ولا هم يحزنون... هذه أتفه مناسبة يحتفل بها العالم في نظري...

أنا على أتم استعداد للاحتفال باليوم العالمي للحفاظ على البيئة، أو حتى باليوم العالمي ضد التدخين (ولو أن ذلك سيكون نفاقاً مني!) ولكنني لست على استعداد للاحتفال، أو حتى التفكير بأسلوب مختلف، بمناسبة لا معنى لها إطلاقاً مثل السنة الميلادية الجديدة.

ما الذي سيختلف في العالم؟! ما الذي سيتغير في هذه السنة الجديدة؟! لا شيء... العالم سيبقى تماماً كما هو، في فوضى عارمة من الحيرة والارتباك، والشيء الوحيد الذي سوف يتغير هو الأرقام التي نكتبها في التاريخ... 2012، 2013... لن ينتهي أي حزن، ولن تُشفى أي جراح...

أفتحُ قناة الجزيرة...

با را با با با... بارا بم!
أهلاً بكم في نشرة الأخبار لقناة الجزيرة...
ننتقل الآن في بثٍ مباشر إلى شنغهاي، حيث يحتفلون ببداية السنة الجديدة...

ويبدأ البث المباشر من شنغهاي في نقل صور الألعاب النارية، والاحتفالات، والألوان، والموسيقا، والرقص، والغناء، والفرح، الفرح، الفرح غير المُبرر...
ثم نعود إلى الاستوديو...
وفي الشأن السوري، فقد عمت الاشتباكات والقصف عدة مناطق في سوريا، وأدت غارات الطيران الحربي النظامي إلى وقوع عشرات القتلى بينهم نساء وأطفال. هذا وقد تم العثور، في مناطق مختلفة، على ما يُقارب من 37 قتيلاً تم إعدامهم على مدى اليومين السابقين. وأحصت لجان التنسيق المحلية ما يقارب من 30 قتيلاً وقعوا ضحايا لقوات النظام قبل ظهر اليوم.

ولا أنسى قبل أن أغلق التلفاز أن أشتم النظام السوري، وبشار الأسد، والعرب والمسلمين، والعالم كله، وقناة الجزيرة، والسنة الماضية والسنة القادمة...

ما الذي يتغير؟ أريد أن أفهم؟!

في ليبيا مثلاً، أرجو من كل قلبي ألا يحتفل أحدٌ بالسنة الجديدة أو حتى يتحدث عنها... لأنها في ليبيا مناسبةٌ حزينةٌ جداً... سنة كاملة لم نتقدم فيها قيد أنملة، لم ننجز فيها أي شيء، وكل ما وصلنا إليه هو أننا اليوم نمتلك حريةً أكبر للسعي نحو الهجرة... قد يصرخ أحدٌ ما ويحاول التذكير بتلك اللحظة التاريخية، ذلك الإنجاز الإنساني، ذلك العرس الديمقراطي، ذلك الخيال الباهر الذي كان الانتخابات التشريعية (الأولى في تاريخ ليبيا منذ ما يقارب 50 سنة!) نعم، ما أروعها من لحظة غمسنا فيها أصابعنا في الحبر، وخرجنا لنُصدم بمجلسٍ لا يُشبع ولا يُغني من جوع... مجلس التهمته المصالح الحزبية، والخلافات الشخصية. مجلس أفنى جلساتٍ وجلسات يتحدث عن مقر إقامة الأعضاء، ومرتبات الأعضاء، وقروض الأعضاء، وعطلات الأعضاء، ورحلات الأعضاء... مجلس يُلقب الناس رئيسه بابن بطوطة! سافر في أرجاء الكرة الأرضية أكثر مما سافر في أرجاء ليبيا! رئيس بكى على الدماء الأجنبية، ولم يذرف دمعةً واحدة على كل المواطنين الذي ماتوا أثناء توليه رئاسة السلطة التشريعية... هذه كانت نتيجة الانتخابات التي فرحنا بها... وكل شيء آخر بدأ مسيرة التقهقر... الوضع الأمنى انتقل من الأسوأ إلى الأكثر سوءاً. الميزانيات والفساد المالي بلغت مراتباً يُقسم الناس بأنها لم تبلغه في عهد سيادة الفساد والسرقة – عهد القذافي. الشعب أصبح ينشطر وينشطر، ويجد لنفسه تقسيماتٍ جديدة كل فترة، شرقاوي وغرباوي وجنوبي، بنغازي وطرابلسي ومصراتي وزنتاني وبيضاوي، عرب وأمازيغ وطوارق وتبو، أزلام وشيء آخر، فيدرالييون ووحدويون، إسلاميون وعلمانيون، سلفيون وصوفيون، عائدون من المهجر ومقيمون يتمنون المهجر، مسجنون في السجون ومسجنون في البلاد، ثوار وأشباه ثوار، كتائب تحت شرعية الدولة وكتائب بالرغم من شرعية الدولة...

والسنة الأولى تمر كاملةً، والشعب بدأ يتقلقل في مكانه، بدأ يُفكر في عبارة مخيفة... يقلبها على لسانه قليلاً، ثم يبتلعها من الخجل، وربما الخوف... وأرجو ألا تمر السنة القادمة إلى الوراء كما مرت هذه السنة، لأن الشعب حينها لن يخجل ولن يخاف من أن يقول: يا يوم من أيام معمر...

فما هي فائدة السنة الجديدة والاحتفال بها؟!

شخصياً لا تعني لي شيئاً... لا تعني لي شيئاً سوى مقارنة الألم بالألم... لا تعني لي شيئاً سوى أن يقول تقريرٌ ما أن عدد شهداء فلسطين لسنة 2012 هو 278 شهيداً... أكثر من 114 شهيداً سنة 2011...

18 طفلاً فلسطينياً استشهد سنة 2012... وهو أكثر من 13 طفلاً سنة 2011...

وهكذا الألم يزداد سنةً بعد سنة... والموت يقترب... وكم هو مؤسفٌ أن نكون في وضعٍ مؤلم لدرجة أننا نرى الموت راحة...

وكفى بك داءً أن ترى الموت شافيا        وحسبُ المنايا أن يكنُّ أمانيا

وحسبُ المنايا أن يكنُّ أمانيا... في اليوم الذي يصبح بإمكاننا فيه أن نتمنى الحياة... حينها قد نفرح بالسنة الجديدة، ونحزن على السنة الماضية... ولكن في هذا الوضع... فلتذهب هذه الاحتفالات إلى الجحيم، وعلى أي حال، يبدو أننا سبقناها هناك...

وكل سنة وأي شخص يستطيع أن يحلم بمستقبلٍ مختلف بخير...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق