الأربعاء، 25 يونيو 2014

العرس الديمقراطي: ممنوع اصطحاب المتشائمين!

لم أكتبُ شيئاً.. وطنياً (؟) منذ فترة. وبمناسبة انتخابات اليوم، فقد قررتُ أن أحاول كتابة شيءٍ ما...

لا أعلم ماذا أستطيع أن أكتب، طيلة الفترة الماضية كنتُ أتذبذب بين مقاطعة الحديث عن السياسة وبين الانفجار بالحديث عن السياسة! هذا التأرجح لم يسمح لي بمتابعة الأخبار فعلاً، فكل ما كنت أفعله هو التعليق على ما يقوله الآخرون، فحتى التفكير والتحليل وغير ذلك من تمارين عقلية (هههه تمارين! الكسل أسلوب حياة...) لم أكن أمارس أي شيء من هذا القبيل... في الحقيقة إن ابتعادي عن الأخبار مُبهرٌ بصراحة.

حسناً... سأحاول أن أسأل نفسي أسئلة... أن أُجري مقابلةً مع نفسي، ليس لكي أكتب شيئاً ذو معنى أو أتتبع أفكاراً من نوعٍ ما في عقلي، ولكن لكي أكتب بعض الكلمات التي أملأ بها مساحةً في المدونة تحت تاريخ الانتخابات وحولها. أليس هذا اهتماماً ببلادي وبمستقبلها؟!

لماذا سأذهب للتصويت في الانتخابات؟

لأن ذلك طُلب مني... سأعترف بأن مَن طلب مني ذلك يَستحقُ أن أُصوِّت له، رجلٌ وطنيٌّ ونزيهٌ ومُثقَّفٌ وله خبرات قد تكون مفيدة بالفعل في مجلس النواب في هذه الفترة. ولكن... آه من هذه اللكن! إذا تم انتخابه، فهل سيستطيع فعل أي شيء؟ هل سيستطيع أن ينجو من الحرب السياسية القذرة؟ أنا أتمنى فعلاً أن يستطيع تحقيق شيءٍ ما، ولكنني أشك في أنه سيستطيع، وأشك في أن الأمر سينتهي به إما بالاستقالة اعتراضاً على ما يحدث في مجلس النواب، أو بأن يكون أحد أصوات المعارضة القوية التي لم تُحقق شيئاً في البرلمان سوى رفع صوت النقد. إنجازٌ لا يُستهان به، ولكن الصراخ في زمان الشلل لن يُقدِّمك ولو نصف خطوةٍ إلى الأمام...

الأحد، 22 يونيو 2014

اللامبالاة: مشاهدة كأس العالم في الجحيم.


مثلي مثل أي إنسان آخر، أو على الأقل مثلي مثل أي عصفور آخر! (ولو أنني لا أمتلك ريشة واحدة، ولا حتى تأشيرة تسمح لي بالطيران!) فأنا أحب الاستماع للموسيقا. ولأنني شخص لا أحب إزعاج الآخرين، أو ربما لأنني شخص لا أحب أن يزعجني الآخرون! فغالباً ما أرتدي السماعات... ولكنني الآن قررتُ أن لا أرتديها، بل تركتُ الموسيقا تنساب من الكمبيوتر، يرافقها إيقاع القصف والانفجارات، وأظن أنني بذلك أستطيع تصنيف نفسي على أنني موسيقار، أو على أقل تقدير DJ يهتم بالانصهارات الموسيقية لعدة أصناف مختلفة... موسيقا كلاسيكية + إيقاع حربي... مثلاً...

الموسيقا الكلاسيكية الآن لأن الوقت متأخرٌ جداً على ميتاليكا بصراحة (والتي ستكون أكثر ملائمةً!)، ولأنني لا أرتدي سماعات، فلا أريد إيقاظ أحد! ولو أن الجميع مستيقظون أصلاً!!!

ثلاث ساعات يا سيدي الفاضل والقصف متواصل... بالطبع، أنت وغيرك ممن لديهم مسؤوليات وعمل وفائدة حقيقية في العالم الواقعي، بلا شك كان سيكون من بين همومك هو حاجتك الماسة للنوم قبل أن تضطر للاستيقاظ في الصباح لكي تخوض أنتَ أيضاً معركة كرامة، ولكن في جبهةٍ مختلفة.. وربما أيضاً ستُفكر في الطريق للعمل غداً، هل هنالك عمل أصلاً؟ إلى متى سيستمر القتال؟ (أعلم أنك لستَ في بنغازي، لكن تخيل مثلاً أنك موجود في بنغازي... يعني نفس مسرحية الحياة البائسة، لكن في مسرحٍ مختلف، فيه مؤثرات بصرية وموسيقا تصويرية أكثر حماسة!)... ولكن، بالنسبة لمن هو مثلي، لا خدمة لا قدمة، ولا حتى مرارة! فإن همومي هي أشياءٌ مثل: هل يوجد خبز أستطيع أن أتعشى به؟ أرجو أن يكون هنالك فيلم جيد بعد المبارة... ومع أن كلا المثالين مصابين كما هو واضح (على الأقل لخبيرٍ مثلي) بمرض اللامبالاة، إلا أن الحالة الثانية الأعراض فيها أكثر وضوحاً...

مقياس دقيق جداً لمدى لامبالاة المرء:

الجمعة، 20 يونيو 2014

خطبة الجمعة وكأس العالم ورمضان (والتسويق أيضاً!).


لقد أصبحتُ مقتنعاً بأن خطباء مساجدنا يحتاجون لدراسة التسويق!

أنا على يقين بأن خطباء مساجدنا متفوقون في علوم الخطابة والبلاغة والفصاحة والعنتريات، وأشك أن بعضهم يدرسون علوم الصوتيات ويعرفون أسرار تضخيم الصوت داخلياً، وهم بلا شك خبراءٌ في الاعتناء بحناجرهم وفي إطالة أنفاسهم... ولكن كل هذا ينفع في المسرح فقط، حين تُمثِّل دور طارق بن زياد وتنادي في رجالك (العدو من أمامكم والبحر من ورائكم)! وبالرغم من أنني لا أشك في نية الخطباء، إلا أنني لا أظن بأن هذا الأسلوب ينجح في إقناع أحد بأي شيء...

لقد أصبحت الخطب تشبه التعليق على مباريات كرة القدم! كلما تحدث الشيخ عن شهر رمضان مثلاً أحسست بأن مهاجماً يكاد يسجل هدفاً! وبأن المُعلِّق متحمسٌ جداً:
"عباد الله! رمضان! شهرُ رمضاااان! رمضااااااان! رمضااااااااااااااان!" 
ولكن تضيع الفرصة! ويهدأ المُعلِّق: 
"رمضااااااااااااااااااااااااااااااااان! رمضاااان شهر الرحمة والغفران..."!
أصبحت الخطب تشبه التعليق على المباريات، لا تُقدِّم ولا تؤخِّر: تعليقٌ تستمع إليه، لا يؤثر على مجرى المبارة، ولا يؤثر على حياتك بعد المبارة. تستمع دون أن تشارك، أعني أنك لا تجد حوافزاً حقيقية في الخطبة تدفعك لفعل شيء، ولا تجد حتى توضيحاً عملياً أو تفسيراً واقعياً لكل تلك الآيات العظيمة والأحاديث الجليلة والأجر الكبير! وإن كنتَ مؤمناً صالحاً تقياً، حياتك أصلاً مليئةٌ بهذه الأمور، فوضعك حينها – في خطبة الجمعة – شبيهٌ بوضع كاكا وهو يُشاهد مبارة البرازيل من المدرجات!

هذه الظاهرة العنترية يجب أن تنتهي، وإلا لن تكون للخطب أيُّ فائدة سوى ضمان عدم نوم الحاضرين!

الاثنين، 16 يونيو 2014

تناقضٌ أدبي؟ أم توافقٌ فلسفي؟ الأمر أعمق مما تظن...


في الأيام الماضية مررتُ على مقطع من كتاب ينتقد فيه المؤلف رواية (الجريمة والعقاب) لفيدودور دوستويفسكي، ويصف الرواية بأنها متناقضة، بل يقول بأن بنيتها قد انهارت بعدما تحول بطل القصة راسكولنيكوف من شخص يُخطط ويُنفذ جريمة قتل في بداية الرواية إلى شخص يُعذِّبه ضميره ويتقبل عقابه في نهايتها. وقد أشار المؤلف أيضاً إلى رواية (الغريب) لألبير كامو، ووضعها مع (الجريمة والعقاب) في مرمى نيرانه.

ربما تكون هذه النظرة سليمة من ناحية نقدية محضة تهتم بمكونات الرواية وتسلسل أحداثها وتطور شخصياتها وترابط كل هذه الأمور بشكل منطقي. ولكن ميزان المنطق ليس ميزاناً عالمياً، أعني أن لكل شيء ميزاناً خاصاً به، والنظر في أعمال دوستويفسكي وكامو بأعين النقد الأدبي وحدها وقياسها على ميزان منطق أدبي محض أمرٌ غير سليم؛ ربما هذا المنهج يُفيد من يريد نقد روايات مبتدئين، أو روايات أسلوبها الأدبي جديد، أي أن هذه النظرة الأدبية المحضة لا يمكن تطبيقها إلا عندما تسعى لتحليل شكلي/أدبي وحسب، ولكن تحليل أعمال دوستويفسكي وكامو يحتاج لنظرة فلسفية أيضاً... ولإيضاح وجهة النظر هذه، يكفينا أن نقول بأن أعمال دوستويفسكي لها أهمية كبيرة من ناحية فلسفية، من ناحية تُعتبر بعض من أهم الأعمال الأدبية الممثلة لفلسفة الوجودية، ومن ناحية أخرى فبعض أعماله تعتبر هجوماً على فلسفة (العدمية)، وكامو يُعتبر من رواد فلسفة (العبثية) ومجدديها، حتى أن كثيرون يظنونه مبتكرها. فهل يمكن لنا أن نطلع على أعمال هذين الرجلين دون اعتبار لعقلياتهم الفلسفية؟!

الأحد، 15 يونيو 2014

صام صام (عالسياسة) وفطر على كورة!

 يا سيدي ليا ثلاث أيام صايم عالسياسة...

يعني مقاومة غير عادية بصراحة، خاصةً أني اكتشفت أن الليبيين ما عندهمش حاجة يحكوا فيها إلا السياسة... في الصبح: "صباح الخير، سياسة!" في مشاويرك: "بكم كيلو الطماطم؟ الكيلو باثنين سياسة ونص اقتصاد." عالغدا في الظهر: "اليوم طبيخة سياسة باللحمة الوطنية." الشاهي الخضر: "حطيت ورق سياسة ولا لا؟" في العشية، في الليل، في النوم، يا راجل حتى في الأحلام سياسة سياسة سياسة سياسة! (جديات، هذك اليوم حلمت أني نحكي في السياسة الوقت كله، وكل شوية يفوتني اللي نحكي معاه، يهرب يعني، وبعدها نطيح في واحد أخرى... لكن أظني هذا بس من الكبت!)...

وضعنا مستعصي بكل يا راجل...

تمشي لسهرية واحد صاحب ولا حد يقرب لك، على طول، بعد كلمة عظم الله أجركم، تبدا السياسة تربخ لعند تتمنى أنك جاي تعزي في الناس في وفاة السياسة المغفور لها بإذن الله!!!

يجوكم ضيوف في الحوش، يقعد الكلام كله سياسة، مرة مرة "يا ريت طاسة مية مشنونة بشوية حفتر..." "مازال فيه كعك عملية الكرامة؟" "وينك من زمان معش اطلع في بيانات وتصريحات؟" أمس جونا اثنين أقارب في الحوش... وكانوا عندنا أقارب أصلاً، وفروخ صغار واجدين (محللي سياسة المستقبل!) المهم أنا مقعمز معاهم ساااااااكت... وحسيت روحي كيف العويلة الصغار هذوما، فاطن لهم لما تكون فيه قعدة لناس كبار، يجي الوليد ولا البنية الصغار، يقعمزوا شوية... ساكتين... بعدها ياخذوا كعكة ويمشوا... أنا نفس الجو، لكن عمري يفرض عليا أني نقعد مقعمز، ما نقدرش نهرب!!! بس سااااااااااكت!

هذك اليوم في سهرية، فرحت بواحد فتح موضوع ديني يحكي... فرحت للمليون، أخيراً ح نقدر نحكي، ليا يومين ساكت! المهم طلع خونا تكفيري للهايك، وقاري ثلاث كتابات لابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب وابن القيم، وحافظ بس (كفر) و(بدعة)... يقاطعك مليون مرة وأنت تحكي، يعوج كلامك قدامك (على الهواء مباشرةً!!!) وتنتهي الجلسة وهو (في باله) مكفرك ومكفر هلك ومكفر مجتمعك ومكفر سيارتك، وأنت أصلاً بروحك كفرت وكان خاطرك تعلن حملة صليبية رابعة على راسه... فحطيت الدين حتى هو في قائمة المواضيع اللي معش نحكي فيهن!

عارف، قعدت نتمنى لو أننا عندنا عنصرية، يعني عنصرية حقيقية، ولا طائفية، عندنا يهود وشيعة، ولا نردوا لجو شرقاوي وغرباوي، قعد خاطري يا راجل في موضوع نكرهوا بعضنا بسببه غير السياسة الزح! إحنا ما نعرفوش نحكوا مع بعضنا، وتلقى روحك اتعارك مع الدنيا كلها...

المهم أمس في الليل، أنت عارفني ما نتبعش في الكورة، وأمس فايت مبارة أسبانيا وهولندا... كمل الشوط الأول، وقالوا قول فان بيرسي كان خيالي، وتعادل... نلقاني معش قدرت نقاوم [للأمانة العلمية: هنا تم حذف بعض المقاطع لما لها من خصوصية، على الأقل خصوصية بالنسبة لي...] المهم قلت يلا نتفرج عالمبارة... وتفرجت على الشوط الثاني... وباختصار: كنت صايم عالسياسة، وفطرت على الكورة!

[المزيد من الحذف!]

ودرت عركة مع هلي، في نص اللعب، نلقاهم يحكوا على داعش في العراق، وحزب البعث، ومش عارف شنو، هشت فيهم سكتتهم! يا راجل مش سادتهم سياسة ليبيا خشوا حتى على سياسة العراق! ينعن جد الوحدة العربية في الهم والغم وخلاص!

الكلام هذا كله مش عارف عليش... لقطة وخلاص... باين عليا ح نرد نتبع الكورة...





* هذه رسالة أخرى، أرسلتها لنفس الصديق الذي أرسلت له الرسالة التي نشرتها سابقاً تحت عنوان (عاشت دولة السياسة حرة مستقلة)... أردتُ نشر هذه الرسالة على سبيل توضيح الرسالة اللاحقة لها (والسابقة لها من ناحية النشر على المدونة). شخصياً لا أُحبِّذ نشر نصوص بالعامية، لكن هذه الرسالة كُتبت هكذا، وتغييرها للفصحى سوف ينتقص منها الكثير، ويكفي أنني حذفتُ بعضاً مما ورد فيها من أمور، هي ليست شخصية فعلاً، ولكنني أعتبرها شخصية... التوضيح الذي أردته، هو ذكر أنني منذ بضعة أيام قررتُ أن لا أتحدث عن السياسة إطلاقاً، وقررتُ التوقف عن متابعتها (أردتُ كتابة شيءٍ ما عن ذلك، لكن لم تسعفني أي شياطين أو جنيات بأي نوعٍ من أنواع الإلهام...). وعشتُ أياماً من الصمت السياسي جعلتني شبه منبوذٍ اجتماعياً! فقد اكتشفت بأن أكثر شيء نتحدث عنه هو السياسة! على أي حال، استمرت مقاومة السياسة إلى أن حدث ما حدث اليوم – التفسير موجود في الرسالة السابقة – مما دفعني للعودة للحديث عن السياسة... وقررتُ نشر رسالة اليوم، وقررتُ معها نشر هذه الرسالة لتوضيح رسالة اليوم... والمهم، الكثير من التفاهة الشخصية وهكذا ولأن وبالتالي وحيث أن ولهذا... وأهم شيء هو أنني قررتُ العودة لمتابعة كرة القدم! ليست لديَّ حماسة قوية للموضوع بالطبع، ولكن فقط متابعة المباريات القوية ربما... شيء بعيد عن السياسة...

* ملاحظة (فسري!): طائرات، وقصف، وضرب، ومعركة كبيرة في الخارج... وأنا أجلس بكل هدوء أكتب رسائلاً وأنشر أشياءً على المدونة بدون أي اكتراث وكأنني جالسٌ في ريفٍ فرنسي تحت شجرةٍ مُزهِرة أستمتع بالنسمات اللطيفة!!! كارثة اللامبالاة!!!

عاشت دولة السياسة حرة مستقلة...


واليوم، وبالرغم من ضجيج القصف والضرب العالي، إلا أنني تمسكتُ بالوسادة وكأنها طوف نجاة في بحار النوم، بعيداً عن بر اليقظة! وأنا الشخص الوحيد في العالم الذي ربما يُفضِّل الغرق براحة على النجاة بتعب... وبقيتُ أحاول الابتعاد عن اليقظة بقدر الإمكان... وبعدما استيقظت، تمنيت لو أنني أستطيع أن أبقى نائماً لسنتين أو ثلاث أو خمسٍ وعشرين... "صباح الخير..." كوب القهوة في يدي "صباح الخير.. شنو مشاريعك اليوم؟" بدأ الهلع! "عليش؟ شنو عندك؟" "نبيك توصلني..." "وين؟ أمتى؟" يتدخل شخصٌ آخر ضاحكاً: "قريب هنا، لعند مطار لأبرق!" نظرت إليه، ولا بد أن أعراض الجلطة قد بدت على وجهي! فقد أردف مُسرعاً: "لا، لا، رد بالك اطيح بس... هههههههه... بس قريب من لأبرق!" عدتُ إلى السائل الأول قلقاً: "وين؟!!!" "الأبيار... عندنا عزا، فلان عرفته؟ اللي كان... إلخ إلخ إلخ" بدون عظم الله أجركم، وبدون إنا لله وإنا إليه راجعون، التفت وعدتُ إلى غرفتي (منفظة سجائر كبيرة في وسطها فراش ومكتب!) بدأتُ بالاتصالات: "وين الضرب بالضبط؟" "حفتر نازل من الرجمة؟" "الطريق مسكرة؟" "دبابات؟" "سي فرج وبنينا؟" وخلاصة الاتصالات كانت: "اليوم ما يسير شي... ضرب قوي، وقالوا حفتر نازل من الرجمة بقواته..." حاول أحدهم أن يشرح لي بأن الطريق إلى الأبيار بعيدة عن المطار، أي أنك ستلتف إلى اليمين قبل المطار... ولكن علم المنطق انتصر على علم الجغرافيا حين سألتهم ثلاث أسئلة: "باهي، حفتر وين؟ تمام والرجمة وين؟ باهي والرجمة قبل ولا بعد الأبيار؟" ولو كان انتصاراً مؤقتاً، أي أنه انتصار: "باهي، اليوم خلاص الوقت تأخر أصلاً... نحاولوا بكرة نطلعوا بكري في الصبح..."

وهذه المقدمة هي بكل بساطة محاولة بسيطة لتفسير شيء واحد بسيط: اليوم تحدثت في السياسة. والضرورات تبيح المحظورات... فلا مفر يا رجل من شتم حفتر أو مدح عملية الكرامة أو سب الثوار أو الترحم على زياد بلعم (حرق روحه يلعب بالنار! وأقصد بالنار نار انعدام العقلانية... وتقريباً هو جزء من معركة اليوم، أو قواته، والعهدة على الراوي الذي أخبرته بكل صراحة: أنت رايح كيف الفيس، أخبارك مش موثوقة!!!) لا مفر من مناقشة هذه المواضيع وأنت تسأل عن الطريق التي تربط بين كل هذه المواضيع!!! بنينا، سي فرج، الرجمة، الأبيار... حاولت، والله العظيم حاولت، أن أتحدث عن مبارة هولندا وإسبانيا، ومبارة إيطاليا وأنجلترا، ولكن يحل عليك صمت مفاجئ، سواءً بسبب القصف أو المقاطعة العائلية أو سوء التغطية، فيعود لك الطرف الآخر ليقول لك: "على العموم الطرفين يضربوا، اليوم باين عليها مبارة النهائي!!!" حتى بعد أن تشتكي من وضع بنغازي، فأنت تخبر من تتحدث معه بأنك في المساء قد تنشغل قليلاً بضرورة الذهاب إلى سهرية في طابالينو، فيقول لك بأن المنطقة بلا شك فارغة اليوم، فتئن متألماً: "باهي شنو انديروا في بنغازي الزح؟!!!" وأنت تتحسر على وضع المدينة الذي لم يعد يسمح لك بفعل أي شيء، فيرد عليك محادثك: "ما عندك ما ادير، قعمز في حوشك وشجع وخلاص..." وأقسم لك، بكل أمانة، بأنني سألته "أنت فمن تشجع؟" وأنا أقصد كأس العالم! ولكنه رد علي: "نشجع في حفتر...".