الأحد، 14 يوليو 2013

ضعفٌ وغباء؟!

المشاعر هي سلوك الاستسلام...

المشاعر هي سلوك الإحباط...

تعريفان للمشاعر، كلاهما يُعبران عن العجز، عن الوصول إلى نقطة لا يعُد يُجدي فيها المنطق... ولكن البعض يُميزون بين التعريفين بنوع من البراعة النفسية، فيقولون بأن الاستسلام يحمل معنىً نهائياً، أي أنه يُشير إلى شلل حتمي عن اتخاذ أي خيار، وهذا يتعارض مع النظرة المجردة للمشاعر على أنها (سلوك معين يهدف إلى تحقيق غاية معينة)، فالقول بأن المشاعر هي سلوك الإحباط يتماشي أكثر مع النظرة المجردة السابقة من حيث أن الإحباط يضع الإرادة في المعادلة، وبالتالي يجعل الاستسلام لها خياراً إرادياً نتخذه بسبب الإحباط أو الإخفاق...

كلامٌ أكبر مني بمراحل كثيرة! أكاد أرى أصحاب الكلام السابق يقولون لي: (ششش يا حبيبي، عيب، الكبار يحكوا...)!!! ولكني سأجازف بمغامرة طفولية وأقول بأنني شخصياً يعجبني تعريف المشاعر على أنها سلوك الاستسلام، لأنه تعريف يُعبر عن الضعف الإنساني، ويجعل المشاعر هي التجسيد الواقعي لهذا الضعف، بل يجعلها – كونها فعلاً استسلامياً – خلاصة الضعف الإنساني وختامه المأساوي...


ولكن تعريف الإحباط أيضاً له جانب مهم جداً... فإن كان تعريف الاستسلام يُعبِّر عن الضعف الإنساني فإن تعريف الإحباط يُعبِّر عن الغباء الإنساني! ذلك الغباء المتمثل في أننا إذا واجهنا عقبةً ما في حياتنا فإننا سوف نتوقف مفزوعين ونرمي المنطق والعقلانية بعيداً ونختار بكل إرادتنا الاستسلام للمشاعر – غباؤنا يتمثل في اختيارنا للمشاعر غير العقلانية وغير المنضبطة على المنطق العقلاني المتزن.

المشاعر هي سلوك الاستسلام... المشاعر هي سلوك الإحباط... إذاً المشاعر هي خلاصة الضعف الإنساني والغباء الإنساني...

بلا شك المشاعر هي انعكاس لخلل نفسي أو جسدي، يؤدي إلى تفاعلات وظيفية داخل جسم الإنسان تعكس هذا الخلل في هيئة المشاعر... وإلخ إلخ إلخ... المشاعر طبيعية، هذا صحيح، وأحياناً تكون أقوى من أن نختارها إرادياً أو نرفضها. ولكن الفرق هنا، من وجهة نظري (من جديد أكاد أسمع أصوات "الكبار" وهم يطلبون مني اللعب بعيداً!) الفرق في مقياس المشاعر المنطقية والمشاعر غير المنطقية هو الفرق الذي يمكن قياسه بين الدمعة التي تنزل رغماً عنا، وبين الارتماء على الأرض والتمرغ في برك الدموع... وكذلك الأمر فيما يخص كل أنواع المشاعر والتعبير عنها... التعبير عن الغضب أكثر مما يجب يعني الانفلات والتسرع وبالتالي فهو غير عقلاني... التعبير عن الحزن أكثر مما يجب يعني الشلل والعجز وبالتالي فهو غير عقلاني... بل حتى التعبير عن الحب أكثر مما يجب يعني كشف مواقع ضعف وهشاشة وبالتالي فهو غير عقلاني... كل شيء يجب أن يكون ضمن مقدار عقلاني... هذا الأشياء تؤثر على حياتنا، أعني الاستغراق فيها، كثرة الانفلات، كثرة التسرع، الشلل والعجز عن التفكير، كشف مواقع الضعف وإمكانية الاستغلال، كل هذه الأمور تؤثر على حياتنا، سواءً بطريقة مباشرة في علاقتنا الاجتماعية (لم يخطئ العرب بكلامهم عن رابع المستحيلات...) أو بطريقة ضمنية عن طريق خلق حلقة مُفرغة تتفاقم فيها أزمة المشاعر هذه، كلما ازداد التعبير المنفلت عن المشاعر كلما ازدادت هذه المشاعر في سيطرتها علينا...

أظن أنني قد أنحرف عن الفكرة الأساسية لهذه الخاطرة أو مهما كانت... أو بالأحرى هذه الشقاوة الفكرية التي أضايق بها الكبار!

كل ما أريد تثبته الآن هو: المشاعر تعبير عن الضعف الإنساني والغباء الإنساني... هذا كل ما هنالك...

حسناً، هذا ليس كل ما هنالك... الأيام قد تأتي بجديد، وقد يتغير تفكيري... فهذا كل ما هنالك لليوم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق