"أريده مقاتلاً، مناضلاً ورافضاً لكل ما
يجري على الساحة من مؤامرات وخذلان.
وحقيقة الطفل أنه منحاز للفقراء
لأنني أحمل موقفاً طبقياً، لذلك تأتي رسومي على هذا النحو، والمهم رسم الحالات
والوقائع وليس رسم الرؤساء والزعماء.
إنه شاهد العصر الذي لا يموت..
الشاهد الذي دخل الحياة عنوةً، ولن يغادرها أبداً.. إنه الشاهد الأسطورة، وهذه
الشخصية غير قابلة للموت، وُلدت لتحيا وتحدت لتستمر.
هذا المخلوق الذي ابتدعته، لن
ينتهي من بعدي بالتأكيد، وربما لا أبالغ إذا قلت أنني قد أستمر به بعد موتي."
ناجي العلي.
العشاء الأخير.
كم هو شريرٌ هذا الولدُ حنظلة
نمنحه الاسمَ الجميلَ ناجي
فيهزأ بنا
عن أية نجاةٍ تتكلمون؟
عن نجاة 1948
أم نجاة 1967
أم نجاة 1982 ؟
عن نجاة أيلول الألوان الأربعة
أم نجاة تل الزعتر وصبرا وشاتيلا
وعين الحلوة؟
أنا المواطن الحلو من مخيم عين الحلوة
أختصر نجاتي وألخص حلاوتكم
في الاسم الحلو الأخير الذي يليق
بي وبكم:
حنظلة!
كم هو شريرٌ وفاضحٌ
هذا الولد حنظلة
نستمرئ الموت ونحلق في سماء
الانتصارات القومية الباهرة
فيشدنا بشعرة من ريشته ويهوي
بنا
إلى حضيض الواقع المهزوم
كم هو قاسٍ هذا الولد
نقرع طبولنا في مواكب الملوك
والرؤساء
فيفقأ طبولنا بقطرة حبر
نرى ما لا نرى فيمسح الأرض
بعزتنا الكاذبة ويشد نعال
آذاننا بلا رحمة:
كم أنتم ساقطون
كم أنتم تافهون
اخرجوا من خلف أكاذيبكم
اخرجوا من حظائر عروشكم
وقصور رئاستكم واعترفوا
بحقارتكم
كم هو شريرٌ وقاسٍ
هذا الولد حنظلة
إنه يقول الحقيقة
شريرٌ وقاسٍ أنت يا حنظلة
لأنكَ جميلٌ في زمن القبح
صادقٌ في زمن الكذب
جريءٌ في عصر الجبناء
أمينٌ في عهد الخونة
طويلٌ في مزرعة المسخوطين
نبيلٌ في بورصة الارتزاق
والارتداد
وكم أنت مثابرٌ ومبدئي في جلدنا
بتذكيرنا بعبوديتنا نحن شم
العرانين الراغمة
المدمنين على مخدرات الكرامة
بلا كرامة
والهمة في القعود
والشرف في العار
قاسٍ أنت وشرير
ومبدئي
فمن أجدر منك بالموت
يا حنظلة
لن تقلق راحة قيلولتنا
بين نعال الغزاة
من إسرائيل حتى أمريكا
لن تقض مضاجعنا المفروشة
بالورد الاصطناعي المستورد
وردٌ صطناعي بنفط خام
هذه هي معادلتنا
فلماذا تنغص علينا سقوطنا
وهواننا
كم أنت جدير بالموت يا حنظلة.
كم أنت جدير بالموت!
سميح القاسم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق