كنت أقرأ هنا
وهناك عن الكاتب الأمريكي العجيب (جاك كيرواك)، صاحب الأسلوب العفوي الغريب، والذي
يعتبر من أبرز المحدثين في الأدب الأمريكي، وأحد مؤسسي ما يُعرف بالـ(Beat Generation) في تلك الفترة المليئة بالروحانيات والمخدرات والهذيان!
أسلوبه عجيب، لا
شك في ذلك. ويمكن وصفه بأنه (بديع) بالمفهوم اللغوي للكلمة بعيداً عن المفهوم
الإصطلاحي. وبكل صراحة فإنه من الممتع جداً أن يقرأ الواحد مثل هذا النوع من
الكتابة؛ لأنه بالفعل يبدو وكأن الرجل لم يكتب، ولكنه فتح للقارئ نافذةً مباشرة
على كل تلك الفوضى في عقله.
على أي حال كنت
أقرأ عن حياته هنا وهناك. ومررتُ على عبارة قالها عنه الكاتب الأمريكي الآخر
(ترومان كابوتي)، عبارة نقدية لا يستغرب المرء حين يقرأها مع كل الحسد المعروف بين
الكتاب. يقول كابوتي عن جاك كيرواك أن كتاباته هي: (طباعة، وليس كتابة).
لا أريد التعمق
في نقد، أو نقض، مقولة كابوتي، فربما بالفعل كانت كتابة كيرواك العفوية أقرب
للطباعة منها إلى الكتابة المتريثة الهادئة. ولكن كيرواك كان مثقفاً بدرجة عالية،
وكان أيضاً مُفكراً عميقاً، وشاعراً يعرف أين يرى الجمال وكيف يعكسه بإبداع، وفوق
هذا كله كان فقد كان رجلاً يحاول أن يعيش، تتجاذبه مُتع الحياة الدنيا ونساؤها وخمورها
من ناحية ومن ناحية أخرى تتجاذبه روحانيات الحياة وتأنيب الكاثوليكية وانفتاح
البوذية... لقد كان كيرواك رجلاً أعمق مما قد يراه القارئ على سطح كتبه. وأنا شخصياً
لا مانع عندي أبداً من قراءة (طباعة) شخص من هذا النوع!
ولكني لا أريد
هنا أن أتحدث عن جاك كيرواك... ما أريد الحديث عنه هو أن تلك العبارة فتحت أعيني
على نفسي... لا أقتنع بها كنقد لجاك كيرواك، وشخصياً – من جديد – أظن أن ترومان
كابوتي هو أبعد ما يكون عن المستوى الذي وصل إليه كيرواك. ولكن، وإن لم أكن قد
رأيت جاك كيرواك في تلك العبارة (طباعة، وليس كتابة)، فقد رأيت نفسي... نعم، لقد
رأيت نفسي وكأنني كنت أنظر في المرأة، ورأيت أوراقي وأقلامي، وشاشة الحاسوب،
وأصابعي، رأيت كل ما أحاول أن أقنع نفسي بأنه كتابة...
أنا لا أكتب،
ولكنني أطبع... فماذا سأفعل الآن بعنوان هذه المدونة؟!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق