أنا أكتب، إذاً أنا موجود؟

لستُ كاتباً... تصريحٌ غريب باعتباره أول جملة في مدونة للكتابة، ولكنها الصراحة التي يجب البدء بها؛ فأنا لا أمتلك أي صفة تؤهلني للكتابة: لستُ موهوباً، ولا مفكراً، ولا خبيراً، ولا باحثاً، ولا متخصصاً... مجرد شخص يعرف كيف يضم الأحرف بعضها إلى بعض ليُكوِّن منها الكلمات، وفي بعض الأحيان (في بعضها فقط) أستطيع صياغة جملٍ مفيدة من هذه الكلمات...

ربما ليس لدي الكثير في هذا العالم... يربطني به الكثير بلا شك، معتقداتٌ لا تريد أن تتزعزع، وعائلةٌ حبيبة، وبحثٌ دائمٌ عن الأصدقاء، ووطنٌ لم أخنه بعد... ولكنني (أنا) لا أمتلك الكثير في هذا العالم، أو على الأقل لا أمتلك ما أُثبت به وجودي سوى بعض الأوراق الثبوتية. ولأنني لم أجد طريقاً أستطيع السير فيها في هذا العالم، لم يكن هنالك مفرٌ من أن أجلس على حافة الرصيف. ليس لديَّ مكانٌ أذهب إليه، فلعلي أترك رسالةً هنا يجدها العابرون من بعدي فيكتشفون أنني موجود، أو على الأقل يكتشفون أن شخصاً ما كان موجوداً، شخصاً لم يُشارك في الكثير من الأشياء، وربما وقف مبكراً عن المسير في هذا العالم، ولكنه في فترةٍ من الفترات جلس على حافة الطريق، ومن الأدلة المتوفرة يبدو أنه كان يمتلك ورقةً وقلماً...

بدايةٌ (رومانسيةٌ) أكثر مما يجب... ولكنها بداية... وأغلب الظن – بحكم التجربة – أن حتى هذه المسيرة سوف تنتهي قبل أن تبدأ، وسوف أقوم من جلستي على حافة الطريق، لأجلس على الحافة المقابلة... ومع ذلك، لا ضرر من المحاولة... هنالك أشياءٌ أريد أن أقولها، وأشياء يجب عليَّ أن أقولها، وأيضاً أشياءٌ لا أريد أن أقولها... ولكن، هذه ميزة المدونات! فهنا لا أقول شيئاً، ولكنني فقط أكتب!

ولذلك يبقى العنوان سؤالاً...