إذا سألنا أي ليبي أو ليبية عن مصدر كل الشر في بلادنا
خلال العقود الأربعة الماضية فبالتأكيد الجواب سوف يكون: القذافي. هذه حقيقة لا يختلف
عليها اثنان؛ القذافي كان تجسيداً للظلم والطغيان، إله الدماء والرماد، مشعوذ الفساد
والانحطاط... وضع في عنق ليبيا قيوداً من نار، سمم لها الحياة، وخلع عنها الكرامة،
وجعل رزق يومها أشواك الظلم وسياط الاستبداد.
ولكن القذافي – وإن كنا نراه شيطان ليبيا الأكبر – ليس
الشيطان الحقيقي...
كل الكوارث التي خنقت ليبيا على مدى أربعين سنة هي من
تخطيط وتنفيذ القذافي؛ فهو قد أرسى دعائم سلطانه بالظلم، وبنى عرشه بالجثث والدماء
– الاستبداد كان (ضرورياً) له من أجل أن يدوم في سلطته. وفوق ذلك كله فقد اجتهد القذافي
في لعن بلادنا بتعاويذه السوداء، ألقى بذوره المسمومة في النيران ونفخ الأدخنة التي
تصاعدت منها لتغمر البلاد كلها؛ فإما يسيطر على البشر بسحره فيسخطهم أتباعاً له، أو
يخنقهم بدخان شعوذته وظلمه...
وبالرغم من كل ذلك – بالرغم من فساده، وبالرغم من نشره
لعدوى فساده – فالقذافي ليس الشيطان، إنه مجرد رجل...